...................................................
__________________
فجعلتُ أفكر في ذلك ، فلم أجد في القرآن شيئاً يدل على ذلك.
وفكَّر الحجّاج ملياً ثم قال ليحيى : لعلك تريد قول الله عزَّوجلّ :
( فمَنْ حاجكَ منْ بَعدْ مَا جاءَكَ مِنَ العِلم فَقُلْ تَعالَوا نَدْعُ أبْناءنا وَأبناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكمْ وَأنْفُسَنا وأنْفُسَكُمْ ثم نبتهل فَنَجْعلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلى الكاذِبينَ ) [ ال عمران ٣ : ٦١ ].
وأن رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين [عليهمالسلام ]؟
قال الشعبي : فكأنّما أهدى لقلبي سروراً ، وقلتُ في نفسي : قد خلص يحيى. وكان الحجّاج حافظاً للقرآن!!
فقال يحيى : والله إنَّها لحجة في ذلك بليغة ، ولكن ليس منها أحتج لما قلتُ. فاصفر وجه الحجاج وأطرق ملياً ، ثم رفع رأسه إلى يحيى وقال : إنْ جئتَ من كتاب الله بغيرها في ذلك فلك عشرة الأف درهم ، وإنْ لم تاتِ بها فانا في حلٍ من دمك.
قال : نعم.
قال الشعبي : فغمني قوله وقلت [ في نفسي ] : أما كان في الذي نزع به الحجّاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنّه قد عرفه وسبقه إليه ، ويتخلَّص منه حتى رد عليه وأفحمه ، فانْ جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أنْ يدخل عليه فيه من القول ما يبطل حجته لئلا يدعي أنَّه قد علم ما جهله هو.
فقال يحيى : قول الله عزّوجلّ : ( وَمِنْ ذُرّيَتِهِ دَاوُدَ وَسلَيمانَ ) [ الانعام : ٨٤ ] مَنْ عنى بذلك؟
قال الحجّاج : ابراهيم.
قال : فداود وسليمان مِنْ ذريته؟
قال : نعم.
قال يحيى : ومَنْ نصَّ الله تعالى عليه بعد هذا أنه مِنْ ذريته؟
فقرأ الحجّاج : ( وَأيوبَ وَيُوسُفَ ومُوسَى وهَارُونَ وكَذلكَ نَجْزي المُحْسِنينَ ).
قال يحيى : وَمَنْ؟
قال : ( وَزكَرِيَّا ويحيى وَعيسى ).
قال يحيى : ومِنْ أين كان عيسى من ذرَية ابراهيم ولا أب له؟!
قال : من قِبَلَ اُمِّه مريم.
قال يحيى : فَمَنْ أقرب ، مريم مِنْ ابراهيم أم فاطمة مِنْ محمَد صلىاللهعليهوآله ؟