عبد الله بن الزبير ، حيث جاء في صحيح مسلم : «إنّ عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال : إنّ ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة ، يعرض برجل [مقصوده ابن عباس] فناداه فقال إنّك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول الله صلىاللهعليهوآله) فقال له ابن الزبير : فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك (١). وهذا منطق الظلم والتهديد.
ويحتمل أن يكون هذا الحوار قد حصل أيّام سيطرة عبد الله بن الزبير على السلطة في مكة ، ولهذا تجرأ وتجاسر وتطاول على العالم الجليل ابن عباس ، وهو في سن أبيه ، ومن جهة العلم فغير قابل للمقايسة ، وعلى فرض أنّه على مستوى من العلم ، فلا يحق له أن يتحدث معه بهذه الصورة ، لأنّه إذا أقدم شخص على هذا العمل وفقاً لفتواه ، فأقصى ما يمكن أن يقال : إنّه اشتبه ، فيكون وطؤه «وطء شبهة» ، ووطء الشبهة لا حدّ له ، فتهديده بالرجم لا معنى له ، وكلام جهّال.
وطبعاً لا يستبعد صدور هذا الموقف القبيح من شاب جاهل وسيئ الخلق مثل عبد الله بن الزبير.
والملفت للنظر أنّ الراغب الاصفهاني في كتابه (المحاضرات) نقل هذه الحادثة : عيّر عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة ، فقال له (ابن عباس) : سل أمّك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك؟! فسألها ، فقالت : «ما ولدتك إلّا في المتعة». وقال ابن عباس : أول مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزبير (٢).
__________________
(١). صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٣.
(٢). المحاضرات ، ج ٢ ، ص ٢١٤. انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ٢٠ ، ص ١٣٠.