تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) (١) والداعي هو أبو بكر ، وكان أنيس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في العريش يوم بدر ، وأنفق على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتقدّم في الصلاة.
والجواب
أنّه لا فضيلة له في الغار ؛ لجواز أن يستصحبه حذرا منه لئلا يظهر أمره.
وأيضا فإنّ الآية تدل على نقصه ؛ لقوله : (لا تَحْزَنْ) ، فإنّه يدلّ على خوره وقلّة صبره وعدم يقينه بالله تعالى وعدم رضاه (لمساواته للنبيّ) (٢) صلىاللهعليهوآله وبقضاء الله وقدره ، لأنّ الحزن إن كان طاعة استحال أن ينهى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عنه ، وإن كان معصية ، كان ما ادّعوه فضيلة رذيلة.
وأيضا فإنّ القرآن حيث ذكر إنزال السكينة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، شرك معه المؤمنين ، إلّا في هذا الموضع (٣) ، ولا نقص أعظم منه (٤).
وأمّا قوله تعالى : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي ...) (٥) ، فإنّ المراد به أنّ أبا الدحداح حيث اشترى نخلة شخص لأجل جاره ، وقد عرض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على صاحب النخل نخلة في الجنّة
__________________
(١) الفتح : ١٦.
(٢) ما بين القوسين في «ر» فقط.
(٣) قال تعالى : (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) التوبة : ٢٦ ، وقال تعالى : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) «الفتح : ٢٦».
(٤) واحتج علماء الشيعة أيضا بأنّ لفظ الصاحب في آية (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ) لا ينطوي على فضيلة ما فقد استعمل القرآن لفظ الصاحب في الكافر ؛ قال تعالى : (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ) «الكهف : ٣٧» ، بل استعملها في غير العاقل أيضا ، لقوله تعالى : (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) «القلم : ٤٨».
(٥) الليل : ١٧.