فأبى ، فسمع أبو الدحداح فاشتراها (ببستان له) (١) ووهبها للجار ، فجعل له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بستانا عوضها في الجنّة (٢).
وأمّا قوله تعالى : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ) (٣) فإنّه أراد الذين تخلّفوا عن الحديبية ، والتمس هؤلاء أن يخرجوا إلى غنيمة خيبر ، فمنعهم الله بقوله : (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) (٤) ... الآية ؛ لأنّه تعالى جعل غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ، ثم قال (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ) (٥) يريد أنّه سندعوكم فيما بعد إلى قتال قوم أولي بأس شديد ، وقد دعاهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى غزوات كثيرة ، كمؤتة وحنين وتبوك وغيرها ، وكان الداعي رسول الله (٦) صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأيضا جاز أن يكون عليّا عليهالسلام ، حيث قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، وكان رجوعهم إلى طاعته إسلاما لقوله ٦ : «يا عليّ حربك حربي» (٧) وحرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كفر.
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في «ر».
(٢) أسباب النزول للواحدي : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ذيل الآية ، وأخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦ : ٢٥٧ ذيل الآية ولم يذكر اسم أبي الدحداح.
(٣) الفتح : ١١.
(٤) الفتح : ١٥.
(٥) الفتح : ١٦.
(٦) تفسير الدر المنثور ٦ : ٦٢ ، أخرج عدّة أحاديث عن عبد بن حميد عن جويبر ، وعن عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي فى الدلائل عن مجاهد ، وعن عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة.
وقد أعقبتها آية (بل ظننتم أن لن ينقلب الرّسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزيّن ذلك في قلوبكم وظننتم ظنّ السّوء وكنتم قوما بورا) الفتح : ١٢.
(٧) ينابيع المودّة ١ : ١٧١ ـ ١٧٢ / الباب ٧ ـ الحديث ١٩ مفصلا ، وأخرج ابن المغازلي في المناقب : ٦٣ ـ ٦٤ / الحديث ٩٠ عن أبي هريرة ، قال : أبصر النبيّ صلىاللهعليهوآله عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم. وأخرج الكنجي الشافعي في الكفاية : ٣٣٠ / الباب ٧٣ عن زيد بن أرقم : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعليّ وفاطمة والحسن والحسين. أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.
وقال : هكذا رواه الترمذي في جامعه كما أخرجناه سواء ، وأخرج في ص ٣٣١ عن زيد بن أرقم بطريق آخر