ويصلّي كلّ يوم وليلة ألف ركعة ، ويدعو بعد كلّ ركعتين بالأدعية المنقولة عنه وعن آبائه عليهمالسلام ، ثمّ يرمي الصحيفة كالمتضجّر ، ويقول : أنّى لي بعبادة (١) عليّ! وكان يبكي كثيرا حتّى أخذت الدموع من لحم خدّيه ، وسجد حتّى سمّي ذا الثفنات ، وسمّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّد العابدين.
وكان قد حجّ هشام بن عبد الملك فاجتهد أن يستلم الحجر ، فلم يمكنه من الزحام (٢) ، فجاء زين العابدين عليهالسلام فوقف الناس له وتنحّوا عن الحجر حتّى استلمه ، ولم يبق عند الحجر سواه ، فقال هشام : من هذا؟ فقال الفرزدق الشاعر :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته |
|
والبيت يعرفه والحلّ والحرم |
هذا ابن خير عباد الله كلّهم |
|
هذا التقيّ النّقيّ الطاهر العلم |
يكاد يمسكه عرفان راحته |
|
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم |
إذا رأته قريش قال قائلها |
|
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم |
إن عدّ أهل التقى كانوا أئمّتهم |
|
أو قيل : من خير خلق الله؟ قيل : هم |
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله |
|
بجدّه أنبياء الله قد ختموا |
يغضي حياء ويغضى من مهابته |
|
فما يكلّم إلّا حين يبتسم |
ينشقّ نور الهدى عن صبح غرّته |
|
كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم |
مشتقّة من رسول الله نبعته |
|
طابت عناصره والخيم والشّيم |
الله شرّفه قدما وفضّله |
|
جرى بذاك له في لوحه القلم |
من معشر حبّهم دين وبغضهم |
|
كفر وقربهم ملجا ومعتصم |
__________________
(١) في «ش ٢» : عبادة.
(٢) في «ش ٢» : فلم يمكنه الزحام.