عن أُخَرَ فقلت ما بالُه لا يَنْصرِف فى معرفةٍ ولا نكرةٍ قال لأن أُخَرَ خالفت أخواتِها وأصلَها وانما هى بمنْزِلة الطُّوَل والوُسَط والكُبَر لا يكُنَّ صفةً إلا وفيهنَّ ألف ولامٌ فتُوصَف بهنَّ المعرفةُ ألا ترى أنك لا تقول نِسْوةٌ صُغَرٌ ولا هؤلاء نِسْوةٌ وُسَطٌ ولا هؤلاء قومٌ أصاغِرُ فلما خالفت الأصلَ وجاءت صفةً بغير ألفٍ ولامٍ تركُوا صَرْفها كما تركُوا صَرْف لُكَعَ حين أرادوا يا ألْكَعُ وفُسَقَ حين أرادوا يا فاسِقُ* قال الفارسى* ومن ذلك أوّلُ تقول هذا رجلٌ أولُ فلا تصرف تريد أوَّلَ من غيره فتَحذف الجارَّ مع المجرُورِ وهو فى تقدير الاثبات فلذلك لم تَصْرِفْ* قال سيبويه* سألت الخليلَ رحمهالله عن قولهم مُذْ عامٌ أوَّلُ ومُذْ عامٍ أوّلَ فقال أوَّلُ هاهُنَا صفةٌ وهو أوَّلُ من عامِك ولكن ألزمُوه ههنا الحذَف استِخْفافا فجعلوا هذا الحرَف بمنزلة أفضَلُ منك وقد جعلوه اسما بمنْزِلة أفْكَلٍ وذلك قول العرب ما تركتُ له أوَّلاً ولا آخِراً وقالوا أنا أوَّلُ منه ولم يقولوا رجُل أولُ منه فلما جاز فيه هذانِ الوجهانِ أجازُوا فيه أن يكونَ صِفةً وأن يكونَ اسمًا* قال* وعلى أىِّ الوجْهين جعلتَه اسمًا لرجُل صَرفْته فى النكرة واذا قلت هذا عامٌ أوّلُ فانما جاز هذا الكلامُ لأنك تُعْلمِ به أنك تَعْنِى العام الذى يَلِيه عامُك كما أنك اذا قلت أوَّلُ من أمْسِ وبعد غدٍ فانما تعنى الذى يَليِه أمْسِ والذى يَلِيه غَدٌ فأما قولهم ابْدأْ بهذا أوَّلُ فانما يريدُون به أوَّلَ من كذا ولكن الحذفُ جائز جَيِّد كما تقول أنت أفضَلُ وأنت تريد أفضَلُ من غيرك وهذا مذهبُه أيضا فى قولنا اللهُ أكبَرُ أو لا تراه ذكره فى عَقِب قول سُحَيم ابنِ وَثِيل الرِّيَاحى
مَررْتُ على وادِى السِّباعِ ولا أَرَى |
|
كوادِى السِّباعِ حِين يُظْلِمُ وادِيَا |
أقَلَّ به رَكْبٌ أتَوْه تَئِيَّةً |
|
وأخْوَفَ الَّا ما وَقَى اللهُ سارِيَا |
قال أراد أقَلَّ به الركْب تَئِيَّة منه* ثم قال* ومثل ذلك قولهم اللهُ أكبَرُ قال فى بابِ أوّل الا أن الحذْف لزِم صِفةَ عامٍ لكثرة استِعْمالهم إيَّاه حتى استَغْنوْا عنه ومثلُ هذا فى الكلام كثيرٌ والحذف يُستَعمل فى قولهم ابدَأْ به أوّلُ أكثَرَ وقد يجوز أن يُظْهِروه الا أنهم اذا أظهَروا لم يُجْز الا الفتْح* قال* وسألته رحمهالله عن قول العرَب وهو قليل مُذْ عامٌ أوَّلَ فقال جعلُوه ظَرْفا فى هذا الموضع وكأنَّه قال مُذْ