أمَّا فَعْلَى فتكون ألفُها للِالحاق وللتأنيث فما جاء ألِفُه للِالْحاق ولم يُؤنَّث قولهم الأرْطَى فيمن قال أدِيم مَأْرُوط وانصَرف فى النَّكِرة لأن ألفِهَا لغير التأنيث ولذلك قالوا أرْطاةٌ فألْحقُوا التاءَ فلو كانتْ للتأنيث لم تدخُلْه التاءُ ألا تَرَى أنه لا يجتمعُ فى اسمٍ عَلامتانِ للتأنيث فكلُّ ما جاز دُخُول التاء عليه من هذه الألفاظِ عُلِم أنها للِالْحاق دُونَ التأنيث ومثلُ الأرْطَى فيما وصَفْت لك العَلْقَى لأنهم قد قالوا عَلْقاةٌ وزَعَم أن بعض العرب أنَّث العَلْقَى وأنّ رُؤْبةَ لم ينوّنْهُ فى قوله (١)
* فَحَطَّ فى عَلْقَى وفى مُكُورِ*
ومثلُ ذلك تَتْرَى وهو فَعْلَى من المُواتَرَة وأُبْدِلت من واوها التاءُ كما أُبدِلَتْ فى تُرَاثٍ وتُخَمَة* قال الفارسى* الوجه عِنْدى تركُ الصَّرْف كالدَّعْوَى والنَّجْوَى لأن الألف للِالْحاق لم تدخُلِ المَصادِرَ وقد كَثُر دُخولُ ألف التأنيثِ على المَصَادر فى هذا البِناء وغيرِه فاذا كانتِ الألفُ فى فَعْلَى ولم تكن للالحاق فانَّ البِناءَ الذى هو فيه على ضَرْبين أحدُهما أن يكونَ اسما غيْرَ وَصْف والآخَرُ أن يكونَ وَصْفا فالاسمُ الذى هو غيْرُ وصف على ضربين اسمٌ غيْرُ مصدَر واسمٌ مصدَرٌ وهذه كلُّها قِسْمة الفارسىِّ فالاسمُ الذى ليس بمَصْدَر نحو سَلْمَى ورَضْوَى وجَهْوَى وعَوَّا ـ لاسم النَّجْم وشَرْوَى ـ لمثل الشئِ وقالوا فى اسمِ موضعٍ سَعْيَا* قال* أعنى الفارسى وفيه عنْدى تَأْوِيلانِ أحدهما أن يكون سُمِّى بوَصْف أو يكون هذا فى باب فَعْلَى كالقُصْوى فى بابه فى الشُّذُوذ وهذا كأنَّه أشبَهُ لأنّ الأعْلام تُغَيَّر كثيرا عن أحْوالِها أعنى عن أحوالِ نَظَائِرها فأما الاسمُ الذى هو مَصْدَر من هذا البابِ فنحوُ الدَّعْوَى والنَّجْوَى والعَدْوَى والرَّعْوَى* قال* وهو عِنْدى من ارْعَوَيْت وليست منقلِبةً والتَّقْوَى والفَتْوَى والَّلوْمَى ـ يريدُ به اللَّوْمَ وأنشد أبو زيد
أمَا تَنْفَكُّ تَرْكَبُنِى بِلَوْمَى |
|
لَهِجْتَ بها كَمَا لَهِجَ الفِصَالُ |
وفى التنزيل (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) فافرادُها حيثُ يُرادُ بها الجمعُ يُقَوِّى أنه مصدَرٌ وقال تعالى (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) وقد جمعُوا فقالوا أَنْجِيَةٌ قال الشاعر
تُرِيحُ نِقَادَها جُشَمُ بْنُ بَكْرٍ |
|
وما نَطَقُوا بأنْجِيَةِ الخُصُومِ |
__________________
(١) قلت الصواب أن هذا المصراع للعجاج والد رؤبة من أرجوزته التى مطلعها
جارى لا تستنكري عذيري |
|
سعيي واشفاق على بعيري |
وحدري ما ليس بالمحذور |
|
وقذري ما ليس بالمقذور |
ومنتهاها قوله يصف ثور وحش فى مشيته
يمشى بأنقاء أبى جبرير |
|
مشى الأميرأ وأخى الأمير |
يمشى السبطري مشية الجبير |
|
أوفيخمان القرية الكبير |
وكتبه محمد محمود لطف الله به آمين