والجَمَّاء من قولهم جاؤُا الجَمَّاءَ الغَفِيرَ والجَرْباء ـ السماءُ والعَلْياءُ فان قلت فَلِم لا يكونُ العَلْياءُ صِفةً ويكون مذكَّره الأعْلَى كقولك الحَمْراء والأحْمَر فالقول أن العَلْياءَ ليس بوَصْفَ انما هو اسم ألا تَرَى أنَّ استِعْمالهم إيَّاها استِعمال الأسماء فى نحو
ألَا يا بَيْتُ بالعَلْياءِ بَيْتُ |
|
ولَوْ لا حُبُّ أهْلِكَ ما أتَيْتُ |
ولو كان صِفةً كالحَمراء لصَحَّت الواوُ التى هى لامٌ من عَلَوْت كما صَحَّت فى القَنْواء والعَشْواء ونحوِ ذلك وليس الأعْلَى كالأحمرَ انما الأعْلَى كالأفْضَل لا يُستَعْمل إلا بالألفِ واللامِ أو بِمن نحو زيد أعْلَى من عَمْرو والزَّيدُونَ الأعْلَوْنَ وفى التنزيل (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ) وفيه (إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) ولو كان كالأحْمر لم يُجْمَع بالواو والنونِ فأما الكَلَّاءُ كَلَّاءُ البَصْرة فزعم سيبويه أنه فَعَّال بمنزلة الجَبَّارِ والقَذَّاف وهو على هذا مذكَّر مصروفٌ ويدُلُّ على ذلك أنهم قد سمَّوْا مُرْفَأَ السُّفُن المُكَلَّأَ والمعنى أن الموضِعَ يَدْفَع الريحَ عن السُّفُن المقرَّبةِ اليه ويحفَظُها منها من قوله تعالى (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أى يحفَظُكم وقد زعم بعضهم أن قوما تركُوا صَرْفه فمن تَرك صَرْفَه كان اسمًا وهو من كَلَّ مثلُ الهَضَّاء فى التضعِيف والمعنَى أنه موضِعٌ تَكِلُّ فيه الريحُ عن عَمَلها فى غير هذا الموضعِ قال رُؤْبة
* يَكِلُّ وَفْدُ الرِّيح مِنْ حيثُ الْمَخَرقْ*
ومثل الكَلَّاءِ فى المعنى على هذا القول تسميتُهم لمُرْفا السُّفُن مكَلَّأَ ألا ترى أنه مفعال أو مفعل بياض بالأصل وكَلَّال وقد يَقْصُرون بعض هذه الأسماء الممدودةِ كقولهم الهَيْجاء والهَيْجَا* قال الفارسى* وسمعت أبا اسحقَ ينشد
وأرْبَدُ فارسُ الهَيْجا إذا ما |
|
تَقَعَّرتِ المَشَاجِرُ بالفِئَامِ |
وقال آخر
* اذا كانَتِ الهَيْجاءُ وانْشَعَّتِ العَصَا*
والمحذوف من الألفين هى الأولى الزائدة لأن الآخِرةَ لمعْنَى ولو كانت المحذوفةُ الآخِرةَ لصَرفتَ الاسمَ كما تَصرِف فى التصغير اذا حَقَّرت نحو حُبَارَى فى النَّكِرة* ومما يجوز أن يكونَ مكَبَّره فَعْلاءَ المُرَيْطاءُ والقُطَيْعاء ـ وهو تمر الشِّهْريزِ وأنشد أبو زيد
* باتُوا يُعَشُّونَ القُطَيْعاءَ جارَهُمْ*