يسمّى نفسا ، لا عقلا محضا ، وصاحب الإرادة الكلية والجزئية يجب أن يكون شيئا واحدا حتّى يحصل الارتباط ، وتتم الحركة المتصلة لمحرك السماوات.
إذن نفوس مجردة ناطقة عاقلة بذواتها ، ذوات إدراكات كلية وجزئية ، تحرّكها بتصوّرات حيوانية منبعثة عنها ، منطبعة في أجرامها ، كنفوسنا الناطقة بالنسبة إلى أبداننا ، على ما سيأتي بيانه ، لا بمعنى أن للفلك ذوات متعددة متباينة الوجود عقلا ونفسا ، وطبيعة سارية في جرمه ، فإنّ ذلك ممتنع ، ولا أن صورة ذاته إحدى هذه الأمور وغيرها من العوارض والآلات الخارجة عنها ، بل ذات الفلك وهويّته البسيطة جامعة لحدود هذه المراتب.
فقولنا : إن حركة الفلك ليست طبيعية ، أي ليس قاصد هذه الحركة وداعيها طبيعة محضة ، ناقصة الكون ، غير شاعرة بغاية فعلها ، وإلّا فمباشر الحركة ليس إلّا ما يميل الجسم بقوته ، فكما أن العقل من جهة عقليّته لا يباشر التحريك ؛ لتساوي نسبة الإرادة الكلية إلى جزئيات حدود الحركة ، فكذا حكم النفس من حيث جوهرها العقلي.
وأمّا من حيث نشأتها الحيوانية فلها وجه إلى القدس ، فيها عين جارية ، نبع منها ماء الحياة ، ووجه إلى طبيعة الفلك فيها سرر مرفوعة ، وأكواب موضوعة ، فإنّ الوجود الواحد قد يكون مع أحديّته جامعا لحدود متفاوتة ومراتب متفاضلة ، وسيأتي لهذا مزيد تحقيق وتوضيح في مباحث النفوس الإنسانية.