فصل
وعددها علم باستقراء الكيفيات الأربع الأول ، ووجدان عدم خلوّ الأجسام المستقيمة الحركات عن إحدى الفاعلتين اللتين هما الحرارة والبرود ، المقتضيتان للحركة ، إمّا من الوسط ، أو إليه بالغة إلى الغاية أولا ، وكذا عن إحدى المنفعلتين اللتين هما الرطوبة واليبوسة المقتضيتان لقبول الأشكال ، بيسر أو عسر ، على وجه الكمال والنقص ، وامتناع اجتماع اثنتين من كلّ من القبيلين في جسم واحد ؛ للتقابل بينهما ، فإذا تركّب كلّ من الفعلين مع كلّ من الانفعاليين حصلت أربعة أقسام : بارد رطب ، هو الماء ؛ وبارد يابس ، هو الأرض ؛ وحارّ يابس ، هو النار ؛ وحارّ رطب ، هو الهواء.
فأبرد الأربعة هو الماء ، ثمّ الأرض ، وأرطبها هو الهواء ؛ لشدة ميعانه بالنسبة إلى الثلاثة ، ثمّ الماء ، وأيبسها هو الأرض ، ثمّ النار ، وأحرّها النار ، ثمّ الهواء.
أما برودة الماء فهي ظاهرة كرطوبتها ، وكذلك يبوسة الأرض ، وحرارة النار ، ورطوبة الهواء.
وأمّا برودة الأرض ؛ فلأنها إذا خلّيت وطباعها ولم تسخن بسبب من الأشعة العلوية والرياح الحارة وغيرها ، بردت.
وأمّا يبوسة النار ؛ فلتكوّن الأجسام الصلبة الأرضية ، الّتي يقذفها السحاب الصاعق عنها حين خمدت ، وفارقتها السخونة ، وفيه نظر.
وأمّا حرارة الهواء ؛ فلأن الماء يتشبّه به إذا سخن ، ويلطف بتبخّره ،