من النار لحصول الآثار العلوية ، لا يدلّ على شرفها وفضلها على النار ، بل على خسّتها.
كيف لا ، وقد دريت أن البسيط الّذي يتأتّى منه التركيب إنّما هو كذلك ؛ لنقصه في جوهره ، وعدم تماميته.
وأيضا إن المجاور لجسم فلكيّ سريع الحركة ، يجب أن يكون مناسبا للسخونة الشديدة، بحسب العناية.
لست أقول : إن النار خلقت من حركة الفلك ، كما يراه بعض الناس ، فإنّ الأنواع ليست حاصلة عقيب الحركات ، والاستعدادات ، والقسر لا يكون دائميا ، بل إن العناية اقتضت ما هو الأوفق بكلّ نوع على الوجه الّذي يصحّ أن ينسب إلى إرادة خالية عن شوب تغيّر ، وانفعال ، وهذا ضرب من البرهان اللمّي الّذي يقام على وجود الأشياء ، من جهة العناية المتعلّقة بما هو الأوفق بالنظام الأفضل.
فنقول : لو وجد عنصر آخر مجاورا للفلك لاحترق ، وانقلب نارا صرفا ، فلو كان هذا خيرا يجب صدوره من العناية أولا ؛ إذ لا مانع من هذا الترتيب بحسب الفطرة الأولى ، وإن كان شرا ، فكيف وجدت المخلوقات من الواجب الأعلى الّذي هو خير محضّ بتضرّر بعضها من بعض دائما بحسب الكون الأوّل الإبداعي.
وأيضا إن الجسم المحرق الّذي يتولّد هاهنا ، من الزند والمقدحة ، لو لم تكن له صورة مسخّنة نارية فمن أين تحصل له هذه الحرارة الشديدة؟ فإن حصل له من مجاورة جسم آخر يكسب منه السخونة بالمجاورة ، فهو إمّا هواء ، أو ماء ، أو أرض ، وشيء منها لا يحسّ منه سخونة ضعيفة أيضا ، وإن حصل من