العارف إذا انقطع عن نفسه ، واتصل بالحق ، رأى كلّ قدرة مستغرقة في قدرته المتعلقة بجميع المقدورات ، وكلّ علم مستغرقا في علمه الّذي لا يعزب عنه شيء من الموجودات ، وكلّ إرادة مستغرقة في إرادته الّتي لا يتأبّى عنها شيء من الممكنات ، بل كلّ وجود ، وكلّ كمال وجود، فهو صادر عنه ، فائض من لدنه ، فصار الحقّ ـ حينئذ ـ بصره الّذي به يبصر ، وسمعه الّذي به يسمع ، وقدرته الّتي
__________________
ـ المكسورة بعدها الشين المعجمة ـ على وزن عبارة.
له تجريد الكلام ، وهو كتاب كامل في شأنه ، وصفه الفاضل القوشجي بأنه مخزون بالعجائب ، مشحون بالغرائب ، صغير الحجم ، وجيز النظم ، كثير العلم ، جليل الشأن ، حسن الانتظام ، مقبول الأئمّة العظام ، لم يظفر بمثله علماء الأمصار ، وهو في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار. انتهى. شرحه جمع من أعاظم العلماء ، أوّلهم آية الله العلّامة رحمهالله ، وله كتاب التذكرة النصيرية في علم الهيئة ، الّذي شرحه النظّام النيسابوري ، والأخلاق الناصرية ، وآداب المتعلّمين ، وأصاف الأشراف ، وكتاب قواعد العقائد ، وتحرير المجسطي ، وتحرير أصول الهندسة لأقليدس ، وتلخيص المحصّل ، وهو مختصر لكتاب محصل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين للفخر الرازي ، وحل مشكلات الإشارات لابن سينا ، وشرح قسم الإلهيّات من الإشارات ، إلى غير ذلك ، من الحواشي ، والرسائل ، والأشعار المشتملة على الفوائد والقصائد ، بالفارسية والعربية.
حكي : أنه قدسسره قد عمل الرصد العظيم بمدينة مراغة ، واتّخذ في ذلك خزانة عظيمة ، ملأها من الكتب ، وكانت تزيد على أربعمائة ألف مجلد ، وكان من أعوانه على الرصد من العلماء جماعة ، أرسل إليهم الملك هلاكوخان ، منهم : العلّامة قطب الدين الشيرازي ، ومؤيّد الدين العروضي الدمشقي ، وكان متبحرا في الهندسة وآلات الرصد ، ونجم الدين القزويني ، كان فاضلا في الحكمة والكلام ، ومحيي الدين الأخلاطي ، وكان مهندسا متبحرا في العلوم الرياضية ، ومحيي الدين المغربي ، ونجم الدين الكاتب البغدادي ، وكان فاضلا في إجراء الرياضي والهندسة ، وعلم الرصد ، وضبطوا حركات الكواكب.
توفي في يوم الغدير سنة «٦٧٢» ، ودفن في جوار الإمامين موسى بن جعفر والجواد عليهمالسلام ، في المكان الّذي أعدّ للناصر العبّاسي ، فلم يدفن فيه. (الكنى والألقاب : ٣ : ٢٥٠).