(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) (١).
هكذا حقّق هذا البحث أستاذنا ـ أدام الله بركاته (٢) ـ وتمام الكلام فيه يأتي في مباحث حدوث العالم ، إن شاء الله.
ولنتكلم الآن في كيفية صدور جزئيات الحركات لتحصيل الكمالات على ما استفدناه منه ـ سلّمه الله ـ فاستمع :
فصل
لما ثبت أن النفوس الفلكية تشتاق إلى كمالات المبادىء العقلية ، وتلك الكمالات ممكنة الحصول لها ؛ لكونها ناطقة ، ذوات إدراكات كلية ، وقد تبيّن أن صور الكائنات على ترتيبها الّذي هي عليه ثابتة في المبادىء العقلية ، وأنها محيطة بكلّ الموجودات على وجه كلي، منزّه عن الزمان.
فإذا اشتاقت النفوس إلى كمالاتها سرت علاقتها الشوقية بتوسّط التصورات الجزئية إلى نفوسها الحيوانية الّتي هي بمنزلة الخيال فينا ، فانبعث شوق وهمي تابع لإدراك خيالي ، فحرّك جرمها ، فحدث وضع تستعد به النفس لاستفاضة كمال ما من الكمالات العقلية ، فإذا أفاض عليها كمال ، وأشرقت عليها هيئة نورية ، حاكت متخيّلتها بصورة جزئية ، فانبعث شوق آخر جزئي ، فتحرّك حركة أخرى إلى ما لا يتناهى.
وكلما تشخصت الصورة الكلية الفائضة على النفس الناطقة في متخيّلة
__________________
(١) ـ سورة هود ، الآية ١٢٣.
(٢) ـ أنظر : المبدأ والمعاد : ١٨٠ و ١٨١.