بأشجاركم ، واجتنبوا برد الخريف ، فإنه يفعل بأبدانكم ما يفعل بأشجاركم» (١).
وإلى القمر كيف يؤثر في نضج الفواكه ، ومدّ المياه وجزرها ، وازدياد الرسل في الضروع ، ونشوء الحرث والنسل ، والزروع ونقصانها وذبولها ، بحسب امتلائه وانجلائه ، وإشراقه وانمحاقه ، وغير ذلك ، وكلّ ذلك مقدّر بقدر معلوم ؛ لأنها منوطة بحركات الشمس والقمر (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) (٢) ، أي حركاتها بحساب معلوم (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) (٣).
وإلى غيرهما من الكواكب ، كيف تؤثر في السفليات بحسب أحوالها المختلفة ، كما فصّلت في علم النجوم تفصيلا ، حار فيه أصحابه حيرة لا محيص لهم عنها.
ثم ألم تنظر إلى الهيئات الفائضة على الطبائع والصور والنفوس الّتي تصدر عنها الأفعال في موادّها ، ومواد غيرها ، وتصير محرّكة للأجسام ، مازجة بعضها ببعض ، كما يشاهد من القوى الغاذية والنامية ، كيف تنبعث من السماويات ، فلها ـ لا محالة ـ تأثير في نفوسنا ، ونفوس سائر السفليات ، وإنما لم تؤثّر نفوسنا فيها ؛ لأنها ضعيفة القوى بسبب كونها منشعبة متفرّقة ، فيضعف تأثيرها ، ويصد بعضها بعضا عن فعلها بالتمام ، كما تشغل القوّة الحسية الخيالية عن فعلها بالتمام ، وإذا لم تشغلها قوي فعلها ، كما في النائم ، وإن لم يتم بعد لضعفها ، وقوى الكواكب غير منشعبة ، بل كأنها قوّة واحدة.
فالقوّة الباصرة فيها هي القوّة السامعة ، وهي القوّة المصوّرة ، فكأنها
__________________
(١) ـ بحار الأنوار : ٥٩ : ٢٧١.
(٢) ـ سورة الرحمن ، الآية ٥.
(٣) ـ سورة الرعد ، الآية ٢.