والله ما سمعته من أحد من المنجمين قطّ ، قال : أفتدري كم بين السنبلة وبين اللوح المحفوظ من دقيقة؟ قلت : لا ، والله ما سمعته من منجّم قطّ ، قال : ما بين كلّ واحد منهما إلى صاحبه ستّون أو تسعون دقيقة ، شكّ عبد الرحمن.
ثمّ قال : يا عبد الرحمن ، هذا حساب إذا حسبه الرجل ووقع عليه عرف القصبة الّتي وسط الأجمة ، وعدد ما عن يمينها ، وعدد ما عن يسارها ، وعدد ما خلفها ، وعدد ما عن أمامها ، حتّى لا يخفى عليه من عدد الأجمة واحدة (١).
وصل
قال بعض العلماء : الأحكام النجومية إمّا أن تكون جزئية ، وإما كلية ، أمّا الجزئية فأن يحكم ـ مثلا ـ بأن هذا الإنسان يكون من حاله كذا وكذا ، وظاهر أنّ مثل هذا الحكم لا سبيل للمنجّم إلى معرفته ؛ إذ العلم به إنّما هو من جهة أسبابه.
أما الفاعلية ، فأن يعلم أن الدورة المعيّنة ، أو الاتصال المعيّن ، سبب لملك هذا الرجل البلد المعيّن ـ مثلا ـ وأنه لا سبب فاعلي لذلك إلّا هو ، والأوّل باطل ؛ لجواز أن يكون السبب غير ذلك الاتصال ، أو هو مع غيره.
أقصى ما في الباب أن يقال : إنّما كانت هذه الدورة وهذا الاتصال سببا لهذا الكائن؛ لأنها كانت سببا لمثله في الوقت الفلاني.
لكن هذا أيضا باطل ؛ لأنّ كونها سببا للكائن السابق لا يجب أن يكون لكونها مطلق دورة واتصال ، بل لعله أن يكون لخصوصيّة كونها تلك المعيّنة الّتي لا تعود بعينها فيما بعد ، وحينئذ لا يمكن الاستدلال بحصولها على كون هذا
__________________
(١) ـ الكافي : ٨ : ١٩٥ ، ح ٢٣٣ ، مع بعض الاختلافات اليسيرة.