الكائن ؛ لأنّ المؤثرات المختلفة لا يجب تشابه آثارها.
والثاني ـ أيضا ـ باطل ؛ لأنّ العقل يجزم بأنه لا اطّلاع له ، على أنه لا مقتضى لذلك الكائن من الأسباب الفاعلة إلّا الاتصال المعيّن ، وكيف وقد ثبت أن من الكائنات ما تفتقر إلى أكثر من اتصال واحد ، ودورة واحدة ، أو أقل.
وأمّا القابلية فأن يعلم أن المادّة قد استعدّت لقبول مثل هذا الكائن ، واستجمعت جميع شروط قبوله الزمانية ، والمكانية ، والسماوية ، والأرضية ، وظاهر أن الإحاطة بذلك ممّا لا تفي به القوّة البشرية.
وأمّا الصورية والغائية ، فأن يعلم ما يقتضيه استعداد مادّة ذلك المعين وقبولها من الصورة ، وما يستلزمه من الشكل والمقدار ، وأن يعلم ما غاية وجوده ، وما أعدته العناية له ، وظاهر أن الإحاطة بذلك غير ممكنة للإنسان.
وأمّا أحكامهم الكلية ، فكأن يقال : كلما حصلت الدورة الفلانية كان كذا ، والمنجّم إنّما يحكم بذلك الحكم عن جزئيات من الدورات تشابهت آثارها ، فظنّها متكرّرة ، ولذلك يعدلون ـ إذا حقّق القول عليهم ـ إلى دعوى التجربة ، وقد علمت أن التجربة تعود إلى تكرر مشاهدات يضبطها الحس والعقل ، يحصّل منها حكما كليا ، كحكمه بأنّ كلّ نار محرقة ، فإنه لما أمكن العقل استثبات الإحراق بواسطة الحس أمكنه الجزم الكلي بذلك.
فأما التشكّلات الفلكية والاتصالات الكوكبية المقتضية لكون ما يكون ، فليس شيء منها يعود بعينه ، كما علمت ، وإن جاز أن يكون تشكّلات وعودات متقاربة الأحوال ، ومتشابهة ، إلّا أنه لا يمكن للإنسان ضبطها ، ولا الاطلاع على مقدار ما بينها من المشابهة والتفاوت ؛ وذلك أن حساب المنجّم مبنيّ على قسمة الزمان بالشهور ، والأيام ، والساعات، والدرج ، والدقائق وأجزائها ، وتقسيم