أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» (١).
وقال : «إن الله لو عذّب أهل سماواته وأرضه ، لعذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم ، لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم» والأول في الصحيح والثاني في المسند والسنن ، وصححه الحاكم وغيره (٢).
فأخبر سيد العالمين والعاملين أنه لا يدخل الجنة بعمله. وقالت القدرية : إنهم يدخلونها بأعمالهم ، لئلا يتكدر نعيمهم عليهم بمشيئة الله ، بل يكون ذلك النعيم عوضا. وما رمى السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم القدرية عن قوس واحدة إلا لعظم بدعهم ومنافاتها لما بعث الله به أنبياءه ورسله ، فلو أتى العباد بكلّ طاعة ، وكانت أنفاسهم كلها طاعات لله ، لكانوا في محض منته وفضله ، وكانت له المنة عليهم ، وكلما عظمت طاعة العبد ، كانت منة الله عليه أعظم ، فهو المانّ بفضله ، فمن أنكر منته ، فقد أنكر إحسانه. وأما قوله تعالى (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥)) [الانشقاق] فلم يختلف أهل العلم بالله ورسوله وكتابه أن معناه : غير مقطوع ، منه : ريب المنون ، وهو الموت ، لأنه يقطع العمر.
__________________
(١) رواه البخاري (٥٦٧٣) ، ومسلم (٢٨١٦) عن أبي هريرة.
(٢) أحمد (٥ / ١٨٢ ، ١٨٥ ، ١٨٩) وعبد بن حميد (٢٤٧) ، وأبو داود (٤٦٩٩) ، وابن ماجة (٧٧) ، عن زيد بن ثابت. وانظر المسند الجامع ٥ / ٥١٤ (٣٨٤١).