فصل
ومن ذلك قوله تعالى : (فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ (١٤)) [المائدة] وقوله : (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ (٦٤)) [المائدة].
وهذا الإغراء والإلقاء محض فعله سبحانه ، والتعادي والتباغض أثره ، وهو محض فعلهم ، وأصل ضلال القدرية والجبرية من عدم اهتدائهم إلى الفرق بين فعله سبحانه وفعل العبد ، فالجبرية جعلوا التعادي والتباغض فعل الرب ، دون المتعادين (١) والمتباغضين ، والقدرية جعلوا ذلك محض فعلهم الذي لا صنع لله فيه ولا قدرة ولا مشيئة. وأهل الصراط السويّ جعلوا ذلك فعلهم ، وهو أثر فعل الله وقدرته ومشيئته ، كما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (٢٢)) [يونس] فالتسيير فعله ، والسير فعل العباد ، وهو أثر التسيير ، وكذلك الهدى والإضلال فعله ، والاهتداء والضلال أثر فعله ، وهما أفعالنا القائمة بنا ، فهو الهادي ، والعبد المهتدي ، وهو الذي يضل من يشاء ، والعبد الضال ، وهذا حقيقة ، وهذا حقيقة ، والطائفتان عن الصراط المستقيم ناكبتان.
__________________
(١) تحرفت في المطبوع إلى : «المتعاديين».