عنها ، فبإلزامه التزموها ، ولو لا إلزامه لهم إياها لما التزموها ، والتزامها فعل اختياري تابع لإرادتهم واختيارهم ، فهو الملزم وهم الملتزمون.
فصل
ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١)) [المعارج] وهذا تفسير الهلوع ، وهو شدة الحرص الذي يترتب عليه الجزع والمنع ، فأخبر سبحانه أنه خلق الإنسان كذلك ، وذلك صريح في أن هلعه مخلوق لله ، كما أن ذاته مخلوقة ، فالإنسان بجملته ذاته وصفاته وأفعاله وأخلاقه مخلوق لله ، ليس فيه شيء خلق لله وشيء خلق لغيره ، بل الله خالق الإنسان بجملته وأحواله كلها ، فالهلع فعله حقيقة ، والله خالق ذلك فيه حقيقة ، فليس الله سبحانه بهلوع ، ولا العبد هو الخالق لذلك.
فصل
ومن ذلك قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (١٠٠)) [يونس] وإذنه هاهنا قضاؤه وقدره ، لا مجرد أمره وشرعه ، كذلك قال السلف في تفسير هذه الآية. قال ابن المبارك ، عن الثوري : بقضاء الله. وقال محمد بن جرير : يقول جل ذكره لنبيه : وما لنفس خلقها من سبيل إلى أن تصدقك إلا أن يأذن لها في ذلك ، فلا تجهدن نفسك