ذلك ، وهو تزيين الشيطان لهم أعمالهم حتى صدّهم عن السبيل المستقيم ، وهو السجود لله وحده ، ثم أخبر أن ذلك الصد حال بينهم وبين الهداية والسجود لله الذي لا ينبغي السجود إلا له ، ثم ذكر من أفعاله سبحانه إخراج الخبء في السموات والأرض ، وهو المخبوء فيهما من المطر والنبات والمعادن وأنواع ما ينزل من السماء وما يخرج من الأرض.
وفي ذكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الرب تعالى بخصوصه ، إشعار بما خصّه الله به من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض.
قال صاحب «الكشاف» (١) : وفي إخراج الخبء أمارة على أنه من كلام الهدهد ، لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض ، وذلك بإلهام من يخرج الخبء في السموات والأرض ، جلّت قدرته ولطف علمه. ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة الناظر بنور الله مخايل كلّ شخص بصناعة أو فن من العلم ، في روائه ومنطقه وشمائله ، فما عمل آدميّ عملا إلا ألقى الله عليه رداء عمله.
فصل
وهذا الحمام من أعجب الحيوان هداية ، حتى قال الشافعي : أعقل الطير الحمام. وبرد الحمام هي التي تحمل الرسائل والكتب ، ربما زادت قيمة الطير منها على قيمة المملوك والعبد ، فإن الغرض الذي يحصل به لا يحصل بمملوك ولا بحيوان غيره ، لأنه يذهب ويرجع إلى مكانه ، من مسيرة ألف
__________________
(١) أي : الزمخشري.