فصل
وأما الران فقد قال تعالى : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)) [المطففين].
قال أبو عبيدة : غلب عليها ، والخمر ترين على عقل السكران. والموت يرون على الميت فيذهب به ، ومن هذا حديث أسيفع جهينة وقول عمر ، فأصبح قد رين به ، أي : غلب عليه وأحاط به الرين.
وقال أبو معاذ النحوي : الرين أن يسودّ القلب من الذنوب. والطبع أن يطبع على القلب ، وهو أشد من الرين. والإقفال أشد من الطبع ، وهو أن يقفل على القلب.
وقال الفراء : كثرت الذنوب والمعاصي منهم ، فأحاطت بقلوبهم ، فذلك الرين عليها.
وقال أبو اسحاق : ران : غطى ، يقال : ران على قلبه الذّنب يرين رينا أي : غشيه ، قال : والرين كالغشاء يغشّي القلب ، ومثله الغين.
قلت : أخطأ أبو إسحاق ، فالغين ألطف شيء وأرقّه ، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : «وإنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة» (١) وأما الرين والران فهو من أغلظ الحجب على القلب وأكثفها. وقال مجاهد : هو الذنب على الذنب حتى تحيط الذنوب بالقلب وتغشاه ، فيموت
__________________
(١) رواه الترمذي (٣٣٣٤) عن أبي هريرة.