فصل
وأما إزاغة القلوب فقال تعالى : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ (٥)) [الصف] وقال عن عباده المؤمنين أنهم سألوه ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا. وأصل الزيغ الميل ، ومنه : زاغت الشمس إذا مالت ، فإزاغة القلب إمالته ، وزيغه ميله عن الهدى إلى الضلال ، والزيغ يوصف به القلب والبصر كما قال تعالى (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ (١٠)) [الأحزاب].
وقال قتادة ومقاتل : شخصت فرقا ، وهذا تقريب للمعنى ، فإن الشخوص غير الزيغ ، وهو أن يفتح عينيه ، ينظر إلى الشيء ، فلا يطرق ، ومنه : شخص بصر الميت. ولما مالت الأبصار عن كل شيء ، فلم تنظر إلا إلى هؤلاء الذين أقبلوا إليهم من كل جانب ، اشتغلت عن النظر إلى شيء آخر ، فمالت عنه ، وشخصت بالنظر إلى الأحزاب. وقال الكلبي : مالت أبصارهم إلا من النظر إليهم. وقال الفراء : زاغت عن كل شيء ، فلم تلتفت إلا إلى عدوها متحيرة ، تنظر إليه.
قلت : القلب إذا امتلأ رعبا شغله ذلك عن ملاحظة ما سوى المخوف ، فزاغ البصر عن الوقوع عليه وهو مقابله.