مهديين مطيعين ، ويدل عليه قوله : إنه لا يذل من واليت ، فإنه منصور عزيز غالب بسبب تولّيك له ، وفي هذا تنبيه على أن من حصل له ذلّ في الناس ، فهو بنقصان ما فاته من تولّي الله ، وإلا فمع الولاية الكاملة ينتفي الذلّ كله ، ولو سلط عليه بالأذى من في أقطارها ، فهو العزيز غير الذليل.
وقوله : وقني شر ما قضيت ، يتضمن أن الشر بقضائه فإنه هو الذي يقي منه.
وفي المسند (١) وغيره أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لمعاذ بن جبل : «يا معاذ والله إني لأحبّك فلا تنس أن تقول دبر كلّ صلاة : اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
وهذه أفعال اختيارية ، وقد سأل الله أن يعينه على فعلها ، وهذا الطلب لا معنى له عند القدرية ، فإنّ الإعانة عندهم الإقدار والتمكين ، وإزاحة الأعذار وسلامة الآلة ، وهذا حاصل للسائل وللكفار أيضا ؛ والإعانة التي سألها أن يجعله ذاكرا شاكرا محسنا لعبادته كما في حديث ابن عباس ، عنه صلىاللهعليهوسلم في دعائه المشهور : «ربّ أعنّي ولا تعن عليّ ، وانصرني ولا تنصر عليّ ، وامكر لي ولا تمكر عليّ ، واهدني ويسّر الهدى لي ، وانصرني على من بغى عليّ ، رب اجعلني لك شكّارا ، لك ذكّارا ، لك رهّابا ، لك مطواعا ، لك مخبتا ، إليك أوّاها منيبا ، ربّ تقبّل توبتي ، واغسل حوبتي ، وأجب دعوتي ، وثبّت حجّتي ، واهد قلبي ، وسدّد لساني ، واسلل سخيمة صدري» رواه الإمام أحمد في المسند (٢) ، وفيه أحد وعشرون دليلا ، فتأملها.
__________________
(١) أحمد (٥ / ٢٤٥ ، ٢٤٧) ، وأخرجه أبو داود (١٥٢٢) عن معاذ بن جبل ، وهو صحيح.
(٢) أحمد (١ / ٢٢٧) وهو صحيح من حديث ابن عباس.