الوجوه.
قال أنس بن مالك : ينشر للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوين ، ديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه العمل الصالح ، فيأمر الله تعالى أصغر نعمة من نعمه ، فتقوم فتستوعب عمله كله ، ثم تقول : أي ربّ : وعزّتك وجلالك ما استوفيت ثمني ، وقد بقيت الذنوب والنعم ، فإذا أراد الله بعبد خيرا قال : ابن آدم : ضعفت حسناتك ، وتجاوزت عن سيآتك ، ووهبت لك نعمي فيما بيني وبينك.
وفي صحيح الحاكم (١) حديث صاحب الرمانة الذي عبد الله خمس مائة سنة ، يأكل كل يوم رمانة ، تخرج له من شجرة ، ثم يقوم إلى صلاته ، فسأل ربه وقت الأجل أن يقبضه ساجدا ، وأن لا يجعل للأرض عليه سبيلا حتى يبعث وهو ساجد ، فإذا كان يوم القيامة ، وقف بين يدي الرب ، فيقول تعالى : أدخلوا عبدي الجنة برحمتي ، فيقول : ربّ بل بعملي ، فيقول الرب جل جلاله : قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله ، فتؤخذ نعمة البصر بعبادة خمس مائة سنة ، وبقيت نعمة الجسد فضلا عليه ، فيقول : أدخلوا عبدي النار ، فيجرّ إلى النار ، فينادي : ربّ برحمتك ، ربّ برحمتك أدخلني الجنة ، فيقول : ردّوه ، فيوقف بين يديه ، فيقول : يا عبدي : من خلقك ولم تكن شيئا؟ فيقول : أنت يا رب ، فيقول : من قواك على عبادة خمس مائة سنة؟ فيقول : أنت يا رب ، فيقول : من أنزلك في جبل وسط اللّجّة ، وأخرج لك الماء العذب من الماء المالح ، وأخرج لك كل يوم رمانة ، وإنما تخرج مرة في السنة؟ وسألتني أن أقبضك ساجدا ، ففعلت ذلك بك؟ فيقول : أنت يا رب ، فيقول الله : فذلك برحمتي ، وبرحمتي أدخلك الجنة.
__________________
(١) الحاكم ٤ / ٢٥٠.