رواه من طريق يحيى بن بكير ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن سليمان بن هرم ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، والإسناد صحيح (١) ، ومعناه صحيح لا ريب فيه.
فقد صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لن ينجو أحد منكم بعمله» وفي لفظ : «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله» قالوا : ولا أنت يا رسول الله ، قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» (٢).
فقد أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم أنه لا ينجي أحدا عمله من الأولين ولا من الآخرين إلا أن يرحمه ربه سبحانه ، فتكون رحمته خيرا له من عمله ، لأن رحمته تنجيه ، وعمله لا ينجيه ، فعلم أنه سبحانه لو عذّب أهل سماواته وأرضه ، لعذبهم ببعض حقه عليهم ، ومما يوضحه أنه كلما كملت نعمة الله على العبد ، عظم حقه عليه ، وكان ما يطالب به من الشكر أكثر مما يطالب من دونه ، فيكون حق الله عليه أعظم ، وأعماله لا تفي بحقّه عليه ، وهذا إنما يعرفه حقّ المعرفة من عرف الله ، وعرف نفسه ، هذا كله لو لم يحصل للعبد من الغفلة والإعراض والذنوب ما يكون في قبالة طاعاته ، فكيف إذا حصل له من ذلك ما يوازي طاعاته أو يزيد عليها.
فإنّ من حقّ الله على عبده أن يعبده ، لا يشرك به شيئا ، وأن يذكره ولا ينساه ، وأن يشكره ولا يكفره ، وأن يرضى به ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلىاللهعليهوسلم رسولا ، وليس الرضا بذلك مجرد إطلاق هذا اللفظ ، وحاله وإرادته تكذّبه
__________________
(١) كيف يكون صحيحا وفيه سليمان بن هرم مجمع على ضعفه. وقد ساق الذهبي هذا الحديث في ترجمة سليمان بن هرم من الميزان (٢ / ١ ترجمة ٣٥٢٣) فقال : لم يصح هذا.
(٢) مر قريبا.