أعوذ بك من شر ما علمت ومن شر ما لم أعلم» (١).
وكان يقول بين السجدتين : «اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني. وكان يقول في قيامه إلى الصلاة بالليل : اللهم لك الحمد ، الحديث ، وفيه : فاغفر لي ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدّم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت» (٢).
وفي الصحيحين (٣) عن أبي موسى الأشعري ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يدعو بهذا الدعاء : «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، وأنت على كل شيء قدير».
وحقيقة الأمر أن العبد فقير إلى الله ، من كل وجه وبكل اعتبار ، فهو فقير إليه من جهة ربوبيته له وإحسانه إليه وقيامه بمصالحه وتدبيره له ، وفقير إليه من جهة إلهيته وكونه معبوده وإلهه ومحبوبه الأعظم الذي لا صلاح له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا بأن يكون أحب شيء إليه ، فيكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله ووالده وولده ومن الخلق كلهم ، وفقير إليه من جهة معافاته له من أنواع البلاء ، فإنه إن لم يعافه منها هلك ببعضها ، وفقير إليه من جهة عفوه عنه ومغفرته له ، فإن لم يعف عن العبد ويغفر له ، فلا سبيل إلى النجاة ، فما نجا أحد إلا بعفو الله ، ولا دخل الجنة إلا برحمة الله.
وكثير من الناس ينظر إلى نفس ما يتاب منه ، فيراه نقصا ، ولا ينظر إلى كمال الغاية الحاصلة بالتوبة ، وأنّ العبد بعد التوبة النصوح خير منه قبل
__________________
(١) رواه مسلم (٢٧١٦) عن عائشة.
(٢) صحيح. رواه الترمذي (٣٤١٨) ، وابن ماجة (١٣٥٥) عن ابن عباس.
(٣) البخاري (٦٣٩٨) ، ومسلم (٢٧١٩).