العزيز ، كما أن البارئ المصور تفصيل لمعنى اسم الخالق ، فالجبار من أوصافه ، يرجع إلى كمال القدرة والعزة والملك ، ولهذا كان من أسمائه الحسنى ، وأما المخلوق فاتصافه بالجبار ذم له ونقص ، كما قال تعالى : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥)) [غافر] وقال تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ (٤٥)) [ق] أي : مسلط تقهرهم وتكرههم على الإيمان ، وفي الترمذي وغيره : عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناس» (١).
فصل
إذا عرف هذا ، فلفظ الكسب تطلقه القدرية على معنى ، والجبرية على معنى ، وأهل السنة والحديث على معنى ، فكسب القدرية هو وقوع الفعل عندهم بإيجاد العبد وإحداثه ومشيئته ، من غير أن يكون الله شاءه أو أوجده. وكسب الجبرية لفظ لا معنى له ولا حاصل تحته ، وقد اختلفت عباراتهم فيه ، وضربوا له الأمثال ، وأطالوا فيه المقال ، فقال القاضي : الكسب ما وجدوا عليه قدرة محدثة. وقيل : إنه المتعلق بالقادر على غير جهة الحدوث. وقيل : إنه المقدور بالقدرة الحادثة ، قالوا : ولسنا نريد بقولنا : ما وجدوا عليه قدرة محدثة ، أنها قدرة على وجوده ، فإن القادر على وجوده هو الله وحده ، وإنما نعني بذلك أنّ للكسب تعلقا بالقدرة الحادثة ، لا من باب الحدوث والوجود.
__________________
(١) صحيح. رواه أحمد (٢ / ١٧٩) ، والترمذي (٢٤٩٢) عن عبد الله بن عمرو.