وقال الليث : رجل خالق ، أي : صانع ، وهن الخالقات : للنساء.
وقال مقاتل : يقول تعالى : هو أحسن خلقا من الذين يخلقون التماثيل وغيرها التي لا يتحرك منها شيء ، وأما البارئ ، فلا يصحّ إطلاقه إلا عليه سبحانه ، فإنه الذي برأ الخليقة ، وأوجدها بعد عدمها ، والعبد لا تتعلق قدرته بذلك ، إذ غاية مقدوره التصرف في بعض صفات ما أوجده الرب تعالى وبرأه ، وتغييرها من حال إلى حال على وجه مخصوص ، لا تتعداه قدرته ، وليس من هذا : بريت القلم ، لأنه معتلّ لا مهموز ، ولا برأت من المرض ، لأنه فعل لازم غير متعدّ ، وكذلك مبدع الشيء وبديعه ، لا يصح إطلاقه إلا على الرب ، كقوله : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (١١٧)) [البقرة]. والإبداع إيجاد المبدع على غير مثال سبق ، والعبد يسمى مبتدعا ، لكونه أحدث قولا ، لم تمض به سنّة ، ثم يقال لمن اتبعه عليه : مبتدع أيضا ، وأما لفظ الموجد ، فلم يقع في أسمائه سبحانه ، وإن كان هو الموجد على الحقيقة ، ووقع في أسمائه الواجد ، وهو بمعنى الغني الذي له الوجد ، وأما الموجد فهو مفعل من أوجد ، وله معنيان ، أحدهما : أن يجعل الشيء موجودا ، وهو تعدية وجده وأوجده.
قال الجوهري : وجد الشيء عن عدم ، فهو موجد ، مثل حمّ فهو محموم ، وأوجده الله ، ولا يقال وجده ، والمعنى الثاني : أوجده ، جعل له جدة وغنى ، وهذا يتعدى إلى مفعولين ، قال في الصحاح : أوجده الله مطلوبه ، أي : أظفره به ، وأوجده ، أي : أغناه ، قلت : وهذا يحتمل أمرين ، أحدهما : أن يكون من باب حذف أحد المفعولين ، أي : أوجده مالا وغنى ، وأن يكون من باب صيّره واجدا ، مثل أغناه وأفقره ، إذا صيّره غنيا وفقيرا ، فعلى التقدير الأول يكون تعدية وجد مالا وغنى ، وأوجده الله إياه ، وعلى الثاني يكون تعديه وجد وجدا إذا استغنى ، ومصدر هذا الوجد بالضم والفتح والكسر ، قال