تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ (٦)) [الطلاق] فغير ممتنع أن يطلق على من يفعل بالقدرة المحدثة أنه أوجد مقدوره ، كما يطلق عليه أنه فعله وعمله وصنعه وأحدثه ، لا على سبيل الاستقلال ، وكذلك لفظ المؤثر لم يرد إطلاقه في أسماء الرب ، وقد وقع إطلاق الأثر والتأثير على فعل العبد ، قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ (١٢)) [يس].
قال ابن عباس : ما أثروا من خير أو شر فسمى ذلك آثارا ، لحصوله بتأثيرهم.
ومن العجب أن المتكلمين يمتنعون من إطلاق التأثير والمؤثر على من أطلق عليه في القرآن والسنة ، كما قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم لبني سلمة : «دياركم تكتب آثاركم» (١) أي : الزموا دياركم ، ويخصونه بمن لم يقع إطلاقه عليه في كتاب ولا سنة ، وإن استعمل في حقه الإيثار والاستئثار ، كما قال أخو يوسف : (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا (٩١)) [يوسف]. وفي الأثر : «إذا استأثر الله بشيء فاله عنه» (٢). وقال الناظم :
استأثر الله بالثناء وبالحمد وولى الملامة الرجلا
ولما كان التأثير تفعيلا ، من أثّرت في كذا تأثيرا ، فأنا مؤثر ، لم يمتنع إطلاقه على العبد.
قال في الصحاح : التأثير : إبقاء الأثر في الشيء ، وأما لفظ الصانع فلم يرد في أسماء الرب سبحانه ، ولا يمكن ورودها ، فإن الصانع من صنع شيئا عدلا كان أو ظلما ، سفها أو حكمة ، جائزا أو غير جائز ، وما انقسم مسمّاه
__________________
(١) مر من قبل.
(٢) لم أجد هذا الأثر.