الوجوب أصلا ، وهذا قول أبي هاشم وأصحابه.
الخامس : أن يكون عند الداعي أولى بالوقوع ، ولا ينتهي إلى حد الوجوب ، وهذا قول الخوارزمي.
وقد سلّم أبو الحسين أنّ الفعل يجب مع الداعي ، وسلم أن الداعي مخلوق لله ، وقال : إن العبد مستقلّ بإيجاد فعله. قال : والعلم بذلك ضروري.
قال ابن الخطيب : وهذا غلوّ منه في القدر ، وقوله : إنه يتوقف على الداعي ، والداعي خلق لله ، غلو في الجبر ، فجمع بين القدر والجبر مع غلوه فيهما ، ولم ينصفه ، فليس ما ذهب إليه غلوا في قدر ولا جبر ، فإنّ توقّف الفعل على الداعي ووجوبه عنده بقدرة العبد ، ليس جبرا فضلا أن يكون غلوا فيه ، وكون العبد محدثا لفعله ضرورة بما خلقه الله فيه من القدرة والاختيار ، ليس قولا بمذهب القدرية ، فضلا عن كونه غلوا فيه.
فصل
قال الجبري : إذا كان الداعي ليس من أفعالنا ، وهو علم القادر أن في ذلك الفعل مصلحة له ، وذلك أمر مركوز في طبيعته التي خلق عليها ، وذلك مفعول لله فيه ، والفعل واجب عنده ، فلا معنى للجبر إلا هذا.
قال له السني : أخوك القدري يجيبك عن هذا ، بأنّ ذلك الداعي قد يكون جهلا وغلطا ، وهذه أمور يحدثها الإنسان في نفسه ، فيفعل على حسب ما يتوهم أن فيه مصلحته ، صادفها أو لم يصادفها ، فالداعي لا ينحصر في