وأيها أقرب إليهما.
ونحن نذكر أجوبة الطوائف عن هذا السؤال.
فقالت طائفة : يختار من هذا التقسيم والترديد كون الخلق والتكوين قديما قائما بذات الرب سبحانه ، ولا يلزمنا قدم المخلوق المكون ، كما نقول نحن وأنتم : إنّ الإرادة قديمة ، ولا يلزم من قدمها قدم المراد ، وكلّ ما أجبتم به في صورة الإلزام ، فهو جوابنا بعينه في مسألة المكوّن ، وهذا جواب سديد ، وهو جواب جمهور الحنفية والصوفية وأتباع الأئمة.
فإن قلتم : إنما لا يلزم من قدم الإرادة قدم المراد ، لأنها تتعلق بوجود المراد في وقته ، فهو يريد كون الشيء في ذلك الوقت ، وأما تكوينه وخلقه ، قبل وجوده ، فمحال.
قيل لكم : لسنا نقول : إنه كوّنه قبل وقت كونه ، بل التكوين القديم اقتضى كونه في وقته ، كما اقتضت الإرادة القديمة كونه في وقته.
فإن قلتم : كيف يعقل تكوين ولا مكوّن؟.
قيل : كما عقلتم إرادة ولا مراد.
فإن قلتم : المريد قد يريد الشيء قبل كونه ، ولا يكونه قبل كونه.
قيل : كلامنا في الإرادة المستلزمة لوجوده في الإرادة التي لا تستلزم المراد ، وإرادة الرب سبحانه ومشيئته تستلزم وجود مراده ، وكذلك التكوين يوضحه ، أنّ التكوين هو اجتماع القدرة والإرادة وكلمة التكوين ، وذلك كله قديم ، ولم يلزم منه قدم المكوّن ، قالوا : وإذا عرضنا هذا على العقول السليمة ، وعرضنا عليها مفعولا بلا فعل ، بادرت إلى قبول ذاك وإنكار هذا ، فهذا جواب هؤلاء.