سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ (٧٩)) [النساء] هل هي لرسول الله ، أو هي لكلّ واحد من الآدميين.
فقال ابن عباس في رواية الوالبي عنه : الحسنة ما فتح الله عليه يوم بدر من الغنيمة والفتح ، والسيئة ما أصابه يوم أحد أن شج في وجهه ، وكسرت رباعيته.
وقالت طائفة : بل المراد جنس ابن آدم كقوله : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)) [الانفطار]. روى سعيد عن قتادة : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ (٧٩)) [النساء] قال : عقوبة يا ابن آدم بذنبك ، ورجحت طائفة القول الأول.
واحتجوا بقوله : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً (٧٩)) [النساء] قالوا : وأيضا فإنه لم يتقدم ذكر الإنسان ولا خطابه ، وإنما تقدم ذكر الطائفة ، قالوا ما حكاه الله عنهم ، فلو كانوا هم المرادين ، لقال : ما أصابهم أو ما أصابكم على طريق الالتفات ، قالوا : وهذا من باب السبب ، لأنه إذا كان سيد ولد آدم ، وهكذا حكمه ، فكيف بغيره.
ورجحت طائفة القول الآخر ، واحتجت بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم معصوم ، لا يصدر عنه ما يوجب أن تصيبه به سيئة ، قالوا : والخطاب وإن كان له في الصورة ، فالمراد به الأمة كقوله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ (١)) [الطلاق] قالوا : ولما كان أول الآية خطابا له ، أجرى الخطاب جميعه على وجه واحد ، فأفرده في الثاني ، والمراد به الجميع ، والمعنى : وما أصابكم من سيئة فمن أنفسكم ، فالأول له ، والثاني لأمته ، ولهذا لما أفرد إصابة السيئة قال : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ (٣٠)) [الشورى] وقال : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ