والمشقة ما هو شر جزئي مغمور ، بالنسبة إلى ما فيه من الخير.
فصل
وتحقيق الأمر أن الشر نوعان : شرّ محض حقيقيّ من كل وجه ، وشر نسبي إضافي من وجه دون وجه ، فالأول لا يدخل في الوجود ، إذ لو دخل في الوجود لم يكن شرا محضا ، والثاني هو الذي يدخل في الوجود.
فالأمور التي يقال : هي شرور ، إما أن تكون أمورا عدمية ، أو أمورا وجودية ، فإن كانت عدمية ، فإنها إما أن تكون عدما لأمور ضرورية للشيء في وجوده ، أو ضرورية له في دوام وجوده وبقائه ، أو ضرورية له في كماله ، وإما أن تكون غير ضرورية له في وجوده ولا بقائه ولا كماله ، وإن كان وجودها خيرا من عدمها.
فهذه أربعة أقسام ، فالأول : كالإحساس والحركة والنفس للحيوان. والثاني : كقوة الاغتذاء والنمو للحيوان المغتذي النامي. والثالث : كصحته وسمعه وبصره وقوته. والرابع : كالعلم بدقائق المعلومات التي العلم بها خير من الجهل ، وليست ضرورية له.
وأما الأمور الوجودية : فوجود كل ما يضاد الحياة والبقاء والكمال ، كالأمراض وأسبابها ، والآلام وأسبابها.
والموانع الوجودية التي تمنع حصول الخير ووصوله إلى المحل القابل له المستعد لحصوله ، كالمواد الرديّة المانعة من وصول الغذاء إلى أعضاء البدن وانتفاعها به ، وكالعقائد الباطلة والإرادات الفاسدة المانعة لحصول