والعطاء موضع الإعطاء.
وأما قوله (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً (١٢)) [الرعد] فيحتمل أن يكون من ذلك ، أي : إخافة لكم وإطماعا ، وهو أحسن ، ويحتمل أن يكون معمول فعل محذوف ، أي : فيرونهما خوفا وطمعا ، فيكونان حالا وقوله (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها (٦)) [ق] إلى قوله (تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨)) [ق] أي : لأجل التبصرة والذكرى ، والفرق بينهما أنّ التبصرة توجب العلم والمعرفة ، والذكرى توجب الإنابة والانقياد ، وبهما تتم الهداية.
فصل
النوع الخامس : الإتيان بأن والفعل المستقبل بعدها ، تعليلا لما قبله ، كقوله (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا (١٥٦)) [الأنعام] وقوله (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى (٥٦)) [الزمر] وقوله (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى (٢٨٢)) [البقرة] ونظائره ، وفي ذلك طريقان :
أحدهما : للكوفيين ، والمعنى : لئلا تقولوا ، ولئلا تقول نفس.
والثاني للبصريين : أن المفعول له محذوف ، أي : كراهة أن تقولوا ، أو حذار أن تقولوا فإن قيل : كيف يستقيم الطريقان في قوله تعالى (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى (٢٨٢)) [البقرة] فإنك إن قدّرت : لئلا تضلّ إحداهما. لم يستقم العطف ، فتذكر إحداهما عليه. وإن قدرت : حذار أن تضل إحداهما. لم يستقم العطف أيضا. وإن قدرت : إرادة أن تضل. لم تصح أيضا ، قيل : هذا من الكلام الذي ظهور معناه مزيل للإشكال ، فإن