علّة ولا حكمة ، ولهذا كان كل من نفى التعليل والحكم ، نفى الأسباب ، ولم يجعل لحكم الربّ الكوني والديني سببا ولا حكمة ، هي العلة الغائيّة ، وهؤلاء ينفون الأسباب والحكم ، ومن تأمّل شرع الربّ وقدره وجزاءه ، جزم جزما ضروريا ببطلان قول النفاة ، والله سبحانه قد رتب الأحكام على أسبابها وعللها ، وبيّن ذلك خبرا وحسّا وفطرة وعقلا ، ولو ذكرنا ذلك على التفصيل ، لقام منه عدة أسفار.
فصل
النوع التاسع : تعليله سبحانه عدم الحكم القدري والشرعي بوجود المانع منه ، كقوله : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣)) [الزخرف] (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧)) [الشورى] وقوله : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ (٥٩)) [الإسراء] أي : آيات الاقتراح ، لا الآيات الدالة على صدق الرسل التي يقيمها هو سبحانه ابتداء ، وقوله : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ (٤٤)) [فصلت] وقوله : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩)) [الأنعام].
فأخبر سبحانه عن المانع الذي منع من إنزال الملك عيانا بحيث يشاهدونه ، وأن حكمته وعنايته بخلقه منعت من ذلك ، فإنه لو أنزل الملك ،