الْخَبِيرُ (١)) [سبأ] ، فحمد (١) ملأ الزمان والمكان والأعيان ، وعمّ الأقوال كلها ، (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨)) [الروم] ، وكيف لا يحمد على خلقه ، كله ، وهو (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (٧)) [السجدة] ، وعلى صنعه ، وقد أتقنه ، (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (٨٨)) [النمل] ، وعلى أمره وكلّه حكمة ورحمة وعدل ومصلحة ، وعلى نهيه ، وكلّ ما نهى عنه شر وفساد ، وعلى ثوابه ، وكلّه رحمة وإحسان ، وعلى عقابه ، وكله عدل وحق ، فلله الحمد كله ، وله الملك كله ، وبيده الخير كله ، وإليه يرجع الأمر كله.
والمقصود أنه كلما كان الفاعل أعظم حكمة كان أعظم حمدا ، وإذا عدم الحكمة ، ولم يقصدها بفعله وأمره ، عدم الحمد.
الوجه السادس عشر : أنه سبحانه يجب أن يشكر ، ويحب أن يشكر عقلا وشرعا وفطرة ، فوجوب شكره أظهر من وجوب كل واجب ، وكيف لا يجب على العباد حمده وتوحيده ومحبته وذكر آلائه وإحسانه وتعظيمه وتكبيره والخضوع له والتحدث بنعمته والإقرار بها بجميع طرق الوجوب ، فالشكر أحبّ شيء إليه وأعظم ثوابا ، وأنه خلق الخلق ، وأنزل الكتب وشرع الشرائع ، وذلك يستلزم خلق الأسباب التي يكون الشكر بها أكمل ، ومن جملتها أن فاوت بين عباده ، في صفاتهم الظاهرة والباطنة ، في خلقهم وأخلاقهم وأديانهم وأرزاقهم ومعايشهم وآجالهم ، فإذا رأى المعافى المبتلى والغني الفقير والمؤمن الكافر ، عظم شكره لله ، وعرف قدر نعمته عليه وما خصه به وفضّله به على غيره ، فازداد شكرا وخضوعا واعترافا بالنعمة.
__________________
(١) هكذا ورد في المطبوع ، والأصل : فحمده ...