الجنة ، فقال تعالى : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)) [هود] ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار.
قالوا : ويكفينا ما في سورة الأنعام من قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨)) [الأنعام] إلى قوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (١٣٠)) [الأنعام].
وهذا خطاب للكفار من الجن والإنس من وجوه.
أحدها : استكبارهم منهم ، أي : من إغوائهم وإضلالهم ، وإنما استكبروا من الكفار.
الثاني : قوله : (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ (١٢٨)) [الأنعام] وأولياؤهم هم الكفار ، كما قال تعالى : (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (٢٧)) [الأعراف] فحزب الشيطان هم أولياؤه.
والثالث : قوله : (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (١٣٠)) [الأنعام] ومع هذا فقال : (النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ (١٢٨)) [الأنعام] ثم ختم الآية بقوله : (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨)) [الأنعام].
فتعذيبهم متعلق بعلمه وحكمته ، وكذلك الاستثناء صادر عن علم وحكمة ، فهو عليم بما يفعل بهم حكيم. في ذلك قالوا : وقد ورد في القرآن أنه سبحانه إذا ذكر جزاء أهل رحمته وأهل غضبه معا ، أبّد جزاء أهل الرحمة ، وأطلق جزاء أهل الغضب كقوله : ((١٠٧) * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)) [هود]