وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)) [البينة] وقوله : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٠٧)) [آل عمران].
وقد يقرن بينهما في الذّكر ، ويقضي لهم بالخلود كقوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣)) [الجن] وقوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها (١٤)) [النساء].
ولكن مجرد ذكر الخلود والتأبيد لا يقتضي عدم النهاية ، بل الخلود هو المكث الطويل ، كقولهم : قيد مخلّد ، وتأبيد كلّ شيء بحسبه ، فقد يكون التأبيد لمدة الحياة ، وقد يكون لمدة الدنيا ، قال تعالى عن اليهود : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ (٩٥)) [البقرة] ومعلوم أنهم يتمنونه في النار حيث يقولون (يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ (٧٧)) [الزخرف] وإنما استفيد عدم انتهاء نعيم الجنة بقوله : (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤)) [ص] وقوله : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)) [هود] وقوله : (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥)) [الانشقاق] أي : مقطوع. ومن قال : لا يمن به عليهم ، فقد أخطأ أقبح الخطأ ، ولم يجئ مثل ذلك في عذاب أهل النار.
وقوله عزوجل : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)) [البقرة] (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨)) [الحجر] وقوله : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها (٣٦)) [فاطر] وقوله تعالى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها (٢٠)) [السجدة] في موضعين من القرآن وقوله : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها (٥٦)) [النساء] غير مصروف عن ظاهره وحقيقته على الصحيح.