حملكم على قتل الذرية؟» قالوا : يا رسول الله : أليسوا أولاد المشركين؟ قال : «أوليس خياركم أولاد المشركين؟ ثم قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم خطيبا فقال : «ألا إنّ كلّ مولود يولد على الفطرة ، حتى يعرب عنه لسانه» (١).
فخطبته لهم بهذا الحديث عقيب نهيه لهم عن قتل أولاد المشركين ، وقوله لهم : أو ليس خياركم أولاد المشركين. نص أنه أراد بهم : ولدوا غير كفار ، ثم الكفر طرأ بعد ذلك ، ولو أراد أنّ المولود حين يولد ، يكون إمّا مسلما ، وإما كافرا على ما سبق له به القدر ، لم يكن فيما ذكر حجة على ما قصد من نهيه عن قتل أولاد المشركين.
وقد ظن بعضهم أن معنى قوله : أو ليس خياركم أولاد المشركين ، أنه قد يكون في علم الله أنهم لو بقوا ، لآمنوا ، فيكون النهي راجعا إلى هذا المعنى من التجويز ، وليس هذا معنى الحديث ، لكن معناه : أن خياركم هم السابقون الأولون ، وهؤلاء من أولاد المشركين ، فإن آباءهم كانوا كفارا ، ثم إنّ البنين أسلموا بعد ذلك ، فلا يضر الطفل أن يكون من أولاد المشركين ، إذا كان مؤمنا ، فإن الله إنما يجزيه بعمله لا بعمل أبويه ، وهو سبحانه يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، كما يخرج الحيّ من الميت ويخرج الميت من الحي.
فصل
وهذا الحديث قد روي بألفاظ ، تفسّر بعضها بعضا ، ففي الصحيحين ،
__________________
(١) مر قريبا.