الله أعلم بما كانوا عاملين. هكذا ذكر أبو عبيد عن ابن المبارك ، لم يزد شيئا. وذكر أنه سأل محمد بن الحسن عن تأويل هذا الحديث ، فقال : كان هذا القول من النبيّ صلىاللهعليهوسلم قبل أن يؤمر الناس بالجهاد. هذا ما ذكره أبو عبيدة. قال أبو عمر : أما ما ذكره عن ابن المبارك ، فقد روي عن مالك نحو ذلك ، وليس فيه مقنع من التأويل ، ولا شرح موعب في أمر الأطفال ، ولكنها تؤدي إلى الوقوف عن القطع فيهم ، بكفر وإيمان أو جنة ونار ، ما لم يبلغوا العمل. قال : وأما ما ذكره عن محمد بن الحسن ، فأظنّ محمدا حاد عن الجواب فيه ، إمّا لإشكاله ، وإما لجهله به ، أو لما شاء الله ، وأما قوله : إن ذلك كان من النبي صلىاللهعليهوسلم قبل أن يؤمر الناس بالجهاد ، فلا أدري ما هذا ، فإن كان أراد أن ذلك منسوخ ، فغير جائز ، عند العلماء ، دخول النسخ في إخبار الله ورسوله ، إذ المخبر بشيء كان أو يكون ، إذا رجع عن ذلك ، لم يخل رجوعه من تكذيبه لنفسه ، أو غلطه فيما أخبر به أو نسيانه ، وقد جلّ الله عن ذلك وعصم رسوله منه ، وهذا لا يجهله ولا يخالف فيه أحد ، وقول محمد بن الحسن : إنّ هذا كان قبل أن يؤمر الناس بالجهاد ، ليس كما قال : إن في حديث الأسود بن سريع ما يتبين أن ذلك كان منه بعد الأمر بالجهاد ، ثم روى بإسناده عن الحسن عن الأسود بن سريع ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما بال أقوام بلغوا في القتل حتى قتلوا الولدان؟» فقال رجل : أوليس إنما هم أولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أوليس خياركم أولاد المشركين؟ إنه ليس من مولود يولد إلا على الفطرة ، حتى يعبر عنه لسانه ، ويهوّده أبواه أو ينصّرانه» (١) قال : وروى هذا الحديث عن الحسن جماعة ، منهم أبو بكر المزني والعلاء بن زياد ، والسّريّ (٢) بن يحيى ، وقد روى عن الأحنف ، عن
__________________
(١) مر سابقا وهذا حديث الأسود بن سريع.
(٢) تحرفت في المطبوع إلى : «المسرى».