الأسود بن سريع ، قال : وهو حديث بصري صحيح. قال : وروى عوف الأعرابي عن سمرة بن جندب ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كل مولود يولد على الفطرة» فناداه الناس : يا رسول الله : وأولاد المشركين قال : «وأولاد المشركين» (١).
قال شيخنا : أما ما ذكره أبو عمر عن مالك وابن المبارك ، فيمكن أن يقال : إنّ المقصود أن آخر الحديث يبين أن الأول قد سبق في علم الله ، يعملون إذا بلغوا ، أو أنّ منهم من يؤمن ، فيدخل الجنة ، ومنهم من يكفر ، فيدخل النار ، فلا يحتج بقوله : «كل مولود يولد على الفطرة» على نفي القدر كما احتجت القدرية به ، وعلى أن أطفال الكفار كلهم في الجنة لكونهم ولدوا على الفطرة ، فيكون مقصود مالك وابن المبارك أن حكم الأطفال على ما في آخر الحديث. وأما قول محمد ، فإنه رأى الشريعة قد استقرت على أن ولد اليهودي والنصراني يتبع أبويه في الدين في أحكام الدنيا ، فيحكم له بحكم الكفر ، في أنه لا يصلّى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، ولا يرثه المسلمون ، ويجوز استرقاقهم ، فلم يجز لأحد أن يحتج بهذا الحديث على أن حكم الأطفال في الدنيا حكم المؤمنين ، حتى تعرب عنهم ألسنتهم ، وهذا حق ، ولكن ظن أن الحديث اقتضى الحكم لهم في الدنيا بأحكام المؤمنين ، فقال : هذا منسوخ ، كان قبل الجهاد ، لأنه بالجهاد أبيح استرقاق النساء والأطفال ، والمؤمن لا يسترقّ ، ولكن كون الطفل يتبع أباه في الدين ، في الأحكام الدنيوية ، أمر ما زال مشروعا ، وما زال الأطفال تبعا لأبويهم في الأمور الدنيوية ، والحديث لم يقصد بيان هذه الأحكام ، وإنما قصد بيان ما ولد عليه الأطفال من الفطرة.
__________________
(١) سبق تخريجه.