وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً (٨٣)) [آل عمران] قالوا : وكذلك قوله : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ (٣٠)) [الأعراف].
قال محمد بن نصر المروزي : سمعت إسحاق بن راهويه يذهب إلى هذا المعنى ، واحتج بقول أبي هريرة : اقرءوا إن شئتم (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ (٣٠)) [الروم] قال : الحق نقول ، لا تبديل للخلقة التي جبل عليها ولد آدم كلهم ، يعني : من الكفر والإيمان والمعرفة والإنكار ، واحتج بقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (١٧٢)) [الأعراف] الآية.
قال إسحاق : أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد ، واستنطقهم ، وأشهدهم على أنفسهم ، ألست بربكم؟ قالوا : بلى ، قال : انظروا أن لا تقولوا إنّا كنا عن هذا غافلين ، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل. وذكر حديث أبيّ بن كعب في قصة الغلام الذي قتله الخضر ، قال : وكان الظاهر ما قال موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ (٧٤)) [الكهف] ، فأعلم الله الخضر ما كان الغلام عليه من الفطرة التي فطره عليها ، وأنه لا تبديل لخلق الله ، فأمر بقتله ، لأنه كان قد طبع كافرا.
وفي صحيح البخاري (١) أن ابن عباس كان يقرأها : وأما الغلام فكان كافرا ، وكان أبواه مؤمنين.
قال إسحاق : فلو ترك النبيّ صلىاللهعليهوسلم الناس ، ولم يبيّن لهم حكم الأطفال ، لم يعرفوا المؤمنين منهم من الكافرين ، لأنهم لا يدرون ما جبل كل واحد عليه حتى أخرج من ظهر آدم ، فبين النبي صلىاللهعليهوسلم حكم الأطفال في الدنيا بأن أبواه
__________________
(١) رواه البخاري في آخره (٤٧٢٧) عن ابن عباس.