يهودانه وينصرانه ويمجسانه ، يقول : أنتم لا تعلمون ما طبع عليه في الفطرة الأولى ، لكنّ حكم الطفل في الدنيا حكم أبويه ، فاعرفوا ذلك بالأبوين ، فمن كان صغيرا بين أبوين مسلمين ، ألحق بحكم الإسلام ، وأما إيمان ذلك وكفره مما يصير إليه ، فعلم ذلك إلى الله ، وبعلم ذلك فضّل الله الخضر ، في علمه هذا ، على موسى ، إذ أطلعه الله عليه في ذلك الغلام ، وخصّه بذلك ، قال ، ولقد سئل ابن عباس عن ولدان المسلمين والمشركين ، فقال : حسبك ما اختصم فيه موسى والخضر.
قال إسحاق : ألا ترى إلى قول عائشة حين مات صبيّ من الأنصار بين أبوين مسلمين : طوبى له ، عصفور من عصافير الجنة ، فردّ عليها النبيّ صلىاللهعليهوسلم وقال : يا عائشة وما يدريك أنّ الله خلق الجنة ، وخلق لها أهلا ، وخلق النار وخلق لها أهلا (١). قال إسحاق : فهذا الأصل الذي يعتمد عليه أهل العلم.
وسئل حماد بن سلمة عن قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «كل مولود يولد على الفطرة» (٢) فقال : هذا عندنا حيث أخذ العهد عليهم في أصلاب آبائهم.
قال ابن قتيبة : يريد حين مسح ظهر آدم ، فاستخرج منه ذريته إلى يوم القيامة أمثال الذر ، وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم؟ قالوا : بلى.
قال شيخنا : أصل مقصود الأئمة صحيح ، وهو منع احتجاج القدرية بهذا الحديث على نفي القدر ، لكن لا يحتاج مع ذلك أن يفسر القرآن والحديث إلا بما هو مراد الله ورسوله ، ويجب أن يتبع في ذلك ما دلّ عليه الدليل. وما ذكروه أنّ الله فطرهم على الكفر والإيمان والمعرفة والنكرة ، إن أرادوا به أن الله سبق في علمه وقدره بأنهم سيؤمنون ويكفرون ، ويعرفون وينكرون ،
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.