حصوله للجمادات والحيوانات ، لكنّ فاطرها وبارئها خصّها بهذه القوة القابلية ، وفطرها عليها.
يوضحه الوجه الثامن : أنه لو كان السبب مجرد التعليم من غير قوة قابلة ، لحصل ذلك في الجمادات والحيوانات ، لأنّ السبب واحد ، ولا قوة هناك يهيئ بها هذا المحل من غيره ، فعلم أن حصول ذلك في محل دون محل هو لاختلاف القوابل والاستعدادات.
الوجه التاسع : أنّ حصول هذه المعرفة والإرادة في العدم المحض محال ، فلا بد من وجود المحل ، وحصوله في موجود غير قابل محال ، بل لا بد من قبول المحل وحصوله من غير المدد من الفاعل إلى القابل ، فلو قطع الفاعل إمداده لذلك المحل القابل ، لم يوجد ذلك المقبول ، فلا بد من الإيجاد والإعداد والإمداد ، فإذا استحال وجود القبول من غير إيجاد المحل ، استحال وجوده من غير إعداده وإمداده. والخلاق العليم سبحانه هو الموجد المعدّ الممد.
الوجه العاشر : أنه من المعلوم أن النفس لا توجب بنفسها لنفسها حصول العلم والإرادة ، بل لا بد فيها من قوة يقبل بها ذلك ، لا تكون هي المعطية لتلك القوة ، وتلك القوة لا تتوقف على أخرى ، وإلا لزم التسلسل الممتنع والدور الممتنع ، فكلاهما ممتنع فها هنا ثلاثة أمور.
أحدها : وجود قوة قابلة. الثاني : أن تلك القوة ليست هي المعطية لها. الثالث : أن تلك القوة لا تتوقف على قوة أخرى. فحينئذ لزم أن يكون فاطرها وبارئها قد فطرها على تلك القوة ، وأعدها بها لقبول ما خلقت له ، وقد علم بالضرورة أن نسبة ذلك إليها وضده ليسا على السواء.
الوجه الحادي عشر : أنا لو فرضنا توقّف هذه المعرفة والمحبة على سبب