منوي معلوم ، وإن كان غير مذكور في اللفظ ، وذكر سبحانه هؤلاء الثلاثة وهم أئمة الرسل وأكرم الخلق عليه محمد وإبراهيم وموسى ، وقد قيل «من قبل» أي : في حال صغره قبل البلوغ ، وليس في اللفظ ما يدل على هذا ، والسياق إنما يقتضي من قبل ما ذكر.
وقيل : المعني بقوله «من قبل» أي : في سابق علمنا ، وليس في الآية أيضا ما يدل على ذلك ، ولا هو أمر مختص بإبراهيم ، بل كل مؤمن. فقد قدّر الله هداه في سابق علمه ، والمقصود قوله : وكنّا به عالمين. قال البغوي : أنه أهل للهداية والنبوة ، وقال أبو الفرج : أي عالمين بأنه موضع لإيتاء الرشد.
وقال صاحب الكشاف : المعنى علمه به أنه علم منه أحوالا بديعة وأسرارا عجيبة وصفات قد رضيها وحمدها حتى أهّله لمخالّته ومخالصته ، وهذا كقولك في حر من الناس : أنا عالم بفلان. فكلامك هذا من الاحتواء على محاسن الأوصاف ، وهذا كقوله (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (١٢٤)) [الأنعام] وقوله (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ (٣٢)) [الدخان] ونظيره قوله (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)) [آل عمران] وقريب منه قوله (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١)) [الأنبياء] حيث وضعنا هذا التخصيص في المحل الذي يليق به من الأماكن والأناسي.
فصل
وهو سبحانه كما هو العليم في اختياره من يختاره من خلقه ، وإضلاله من يضله منهم ، فهو العليم الحكيم بما في أمره وسرعه من العواقب الحميدة