القدرة منه ، فإنه إن لم يقدره وإلا فهو عاجز ، وطلب فضله منه ، فإن لم ييسره له ، ويهيئه له ، وإلا فهو متعذر عليه ، ثم إذا اختاره له بعلمه ، وأعانه عليه بقدرته ، ويسره له من فضله ، فهو يحتاج إلى أن يبقيه عليه ، ويديمه بالبركة التي يضعها فيه.
والبركة تتضمن ثبوته ونموه ، وهذا قدر زائد على إقداره عليه وتيسيره له ، ثم إذا فعل ذلك كله ، فهو محتاج إلى أن يرضيه به ، فإنه قد يهيئ له ما يكرهه ، فيظل ساخطا ، ويكون قد خار الله له فيه.
قال عبد الله بن عمر : إنّ الرجل ليستخير الله ، فيختار له ، فيسخط على ربه ، فلا يلبث أن ينظر في العاقبة ، فإذا هو قد خار له.
وفي «المسند» (١) من حديث سعد بن أبي وقاص ، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : «من سعادة ابن آدم استخارته الله تعالى ، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله. ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله عزوجل. ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله».
فالمقدور يكتنفه أمران : الاستخارة قبله ، والرضا بعده. فمن توفيق الله لعبده وإسعاده إياه أن يختار قبل وقوعه ، ويرضى بعد وقوعه ، ومن خذلانه له أن لا يستخيره قبل وقوعه ، ولا يرضى به بعد وقوعه.
وقال عمر بن الخطاب : لا أبالي أصبحت على ما أحبّ أو على ما أكره ، لأني لا أدري الخير فيما أحبّ أو فيما أكره.
وقال الحسن : لا تكرهوا النقمات الواقعة والبلايا الحادثة ، فلربّ أمر تكرهه ، فيه نجاتك ، ولرب أمر تؤثره ، فيه عطبك.
__________________
(١) أحمد ١ / ١٦٨ ، والترمذي (٢١٥١).