صفات النقص. وإذا كان كذلك ، فلم لا يجوز أن تكون ذات الله موصوفة بصفة النور مع كونه منزها عن الجسمية والجهة؟ لما ثبت أنه يجب كونه تعالى موصوفا بصفات الكمال والمدح ، ويجب كونه منزها عن صفات النقص.
والثاني : هب أنا سلمنا أنه ليس شيء منها صفة كمال ومدح ، لكن لم لا يجوز أن يكون موصوفا ببعضها دون البعض؟ قوله : «إنه ليس اتصاف ذاته ببعضها أولى من اتصافها بالبواقي» فنقول : قد بينا في علم المنطق أن قول القائل ليس هذا ، أولى من ذلك مقدمة ضعيفة. فإنه إن كان المراد عدم الأولوية في أذهاننا وفي عقولنا ، بمعنى أنا لا نعرف دليلا يدل على أن هذا أولى بالوقوع. فهذا مسلم ، إلا أن هذا لا يفيد إلا الوقف والشك ، وإن كان المراد بعدم الأولوية أنه يمتنع كون أحد الجانبين أولى في نفس الأمر ، فهذا ممنوع. فلم لا يجوز اتصاف ذاته ببعض هذه الأضداد أولى ، وإن كنا لا نهتدي ولا نعرف المعنى الموجب لتلك الأولوية؟.
والسؤال الثالث : لم لا يجوز أن يقال : يحصل السواد والبياض فيه معا ، ثم يحصل من اجتماعهما هيئة (١) مركبة من اجتماعهما؟ ولا بد في إبطال هذا الاحتمال من دليل منفصل. واعلم أنه لما ثبت أنه تعالى منزه عن الجسمية والصول في الحيز ، فحينئذ يمتنع أن يكون اللون القائم به ، لونا ساريا في ذاته منبسطا على سطحه ، فيبقى أن يكون ذلك اللون ماهية ، تخالف (٢) ما شاهدناه في الأجسام ، وحينئذ لا تكون تلك الصفة لونا ، بل صفة أخرى مخالفة لما يعقل من اسم اللون ، وذلك يفيد نفي الألوان على الوجه الذي عقلناه [والله أعلم (٣)].
__________________
(١) ماهية (و) هيئة (س).
(٢) بخلاف (و).
(٣) من (و).