واجب الوجود لذاته كونه قائما بالنفس (١)] ولا يطلق عليه لفظ [الجوهر ، وهذا النزاع بعيد ، لأن لفظ (٢)] القائم بالنفس مجاز من وجهين : أحدهما : إن إطلاق لفظ القائم بالنفس لإفادة معنى الاستغناء مجاز. والثاني : إن إطلاق لفظ النفس لإرادة الذات والماهية ، اطلاق للفظ المشترك لإرادة أحد مفهوميه ، لأن لفظ النفس [قد يراد به الجسد والدم ، وقد يراد به الذات والحقيقة. فيثبت : أن لفظ القائم بالنفس (٣)] مجاز من وجهين. وأما لفظ الجوهر فهو مأخوذ من الجهارة والظهور ، وكل ما كان أكمل في الاستغناء عن الغير ، كان أبقى وأدوم ، فكان معنى الجهارة فيه أكثر ، فكان أولى بإطلاق هذا اللفظ عليه. فهذا هو الكلام في تفسير لفظ الجوهر.
فإن قال قائل : المفهوم من الجوهر : جنس لما تحته ، فلو صدق عليه تعالى كونه جوهرا لكان داخلا تحت الجنس ، وكل ما كان داخلا تحت الجنس كان امتيازه عن سائر الأنواع بالفصل ، فيلزم كون ذاته مركبة من الجنس والفصل ، وذلك محال ، لما ثبت أن كل مركب فهو ممكن ، ولا شيء من واجب الوجود بممكن. والجواب : إن الجنس عبارة عن الجزء المشترك ، فالجنس جزء من أجزاء الماهية ، والاستغناء عن المحل مفهوم عدمي ، والمفهوم العدمي يمتنع أن يكون جزءا من أجزاء الماهية [الموجودة فيثبت أن الجوهر بهذا المعنى ليس جزءا من أجزاء الماهية والجنس جزء من أجزاء الماهية (٤)] فيمتنع كون الجوهر بهذا المعنى جنسا [فهذا تمام الكلام في هذا الباب والله أعلم (٥)].
__________________
(١) من (و ، س).
(٢) من (س).
(٣) من (و).
(٤) من (و).
(٥) من (و).