الفصل الأول
في
أن واجب الوجود لذاته ليس إلّا الواحد
اعلم (١) أن الناس ذكروا أنواعا من الدلائل على وحدانية الله تعالى ، ونحن نذكرها على الاستقصاء :
أما الحجة الأولى : التي عليها تعويل الفلاسفة فهي أن قالوا : لو فرضنا موجودين يكون كل واحد منهما واجب الوجود لذاته ، لكانا متشاركين في المفهوم من الوجوب الذاتي، ولا بد وأن يختلفا بالتعين والتشخص ، إذ لو كان كون هذا حاصلا لذاك ، لكان هذا عين ذاك ، ولكان ذاك عين هذا. وحينئذ يكون الكل شيئا واحدا ، فيثبت أنا لو فرضنا موجودين يكون كل واحد منهما واجب الوجود لذاته ، لوجب كونهما متشاركين في الوجوب الذاتي ، وكون كل واحد منهما [للآخر في نفسه وتشخصه ، وما به المشاركة غير ما به المخالفة فيكون كل واحد منهما (٢)] مركبا من الوجوب الذي به يشارك غيره ، ومن التعين الذي به يخالف غيره ، وهذا محال لوجوه :
الأول : إن كل مركب فإنه مفتقر إلى كل واحد من أجزائه ، وكل واحد من أجزائه غيره ، فكل مركب فإنه مفتقر إلى غيره [وكل مفتقر إلى غيره (٣)]
__________________
(١) في الأصل : الفصل الثامن عشر. ولاحظ : أن المؤلف قال في هذا الجزء : أنه مقسم إلى قسمين.
(٢) من (و).
(٣) من (و ، س).