الفصل الثالث
في
أن وحدة الله تعالى هل هي عين الذات
أو صفة قائمة بالذات؟
لقائل (١) أن يقول : لو كانت الوحدة صفة ، لكانت تلك الصفة واحدة ، فيلزم أن يكون للوحدة وحدة أخرى إلى غير النهاية. وأنه محال.
ولقائل آخر أن يقول : الوحدة لا بد وأن تكون صفة زائدة على الذات. ويدل عليه وجوه :
الأول : إنه يصح تقسيم الواحد إلى الواجب لذاته ، وإلى الممكن لذاته. فيقال : الواحد إما أن يكون واجبا لذاته ، أو ممكنا لذاته ، ومورد التقسيم مشترك بين القسمين ، فكونه واحدا مشترك فيه [بين الواجب لذاته وبين الممكن لذاته ، وخصوص كونه واجبا لذاته غير مشترك فيه (٢)] بين القسمين ، وهذا يدل على أن كونه واحدا ، مغاير لخصوص كونه واجب الوجود لذاته.
والثاني : إن الواحد يقابل الكثير ، والواجب لذاته يقابل ما ليس واجبا لذاته ، وما يصلح لأن يكون مقابلا لأحدهما ، لا يصلح أن يكون مقابلا للثاني ، وهذا يوجب أن يكون كونه واحدا ، مغايرا لكونه واجب الوجود لذاته.
__________________
(١) العشرون [الأصل].
(٢) من (و ، س).